فكيف ينافي الأخذُ بالأسباب الإيمانَ بالقضاء والقدر؟! تَرتَجِفُ مِنَ البَرْد، تَتَحَرَّك مُرْتَجِفًا مِنَ البَرْد بِغَيرِ إِرادَة وَتَرْفَعُ يَدَكَ لِتُحَيِّيَ صَدِيقَكَ بِإِرادَة، فَإِذًا كُلُّ واحِدٍ مِنّا يُحِسُّ فَرْقًا ضَرُورِيًّا لا يَخْفَى عَلَيْهِ بَينَ العَمَلِ الذي يَعْمَلُهُ بِإِرادَتِهِ وَبَيْنَ العَمَل الذي يَعْمَلُهُ بِغَيرِ إِرادَتِهِ، فالإِنْسانُ مِنّا أَعْمالُهُ الاخْتِيارِيَّة هِيَ بِإِرادَتِهِ، لَهُ إِرادَة لَكِنَّ إِرادَتَهُ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ تعالى، لأَنَّ إِرادَتُهُ هذه مخلوقة وتَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ اللهِ، فلا يَحْصُلُ مِنْ أَحَد عَمَل، لا يَحْصُلُ مِنْهُ خَيرٌ أو شَرّ، طاعَة أو مَعْصِيَة، حُلْوٌ أو مُرّ إِلّا بِمَشِيئَةِ الله تعالى، اللهُ عَلِمَ فِى الأَزَل ما سَيَحْصُلُ فِى هذا العالَم جُمْلةً وَتَفْصِيلًا، وَاللهُ تعالى شاءَ حُصُولَ ما سَيَحْصُل، فما عَلِمَ أَنَّهُ سيَحْصُل شاءَ حُصُولَهُ وما عَلِمَ أَنَّهُ لا يَحْصُل لَمْ يَشَأْ حُصُولَهُ، فَكُلُّ ما يَحْصُلُ فِى هذا العالَم يَحْصُلُ بِعِلْمِ الله وَبِمَشِيئَةِ الله وَبِتَخْلِيقِ اللهِ تعالى وَبِقُدْرَةِ الله عَزَّ وَجَلّ، هذا شىءٌ لا بُدَّ مِنَ الإِيمانِ بِهِ، أَمّا مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهذا بَلِ اعْتَقَدَ أَنَّ شيْئًا يَحْصُلُ فِى هذا العالَم ولَوْ شيْئًا واحَدًا بِغَيْرِ مَشِيئَةِ الله فَهُوَ لَمْ يُوَحِّدِ اللهَ تعالى.
فتبينَ لكَ أيها الطالبُ للحقِ أن كل مادخلَ في الوجودِ بمشيئةِ الله وعِلمِه وتقديرهِ وخلقه سواءٌ في ذلك الجسمُ والعمل الخيرُ والشر الكُفرُ والإيمانُ إلا أن الخيرَ يحبهُ الله وأمرَ به والشر لا يحبهُ الله ونهى عنهُ.
سبحانَ اللهِ الذي يُغَيّرُ ولا يَتَغَيَّرُ.
فَأَنْكَروُا أَمْرَ البَعْثِ والآخرة والعِياذُ بالله، يقولون ما يُهْلِكُنا إِلّا الدَّهْر! الرَّابعةُ: إيجادُ اللَّهِ لكُلِّ المخلوقاتِ، وأَنَّهُ الخالِقُ وما سِواهُ مخلوقٌ، هَذَا مُجمَلُ مراتِبِ القَدَرِ، وإليك بيانَها بالتَّفصِيلِ.
وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ سُنَّتَهُ وَعَادَتَهُ أَنَّ حَلاوَةَ الأَسْبَابِ فِي العَاجِلِ تُعْقِبُ المَرَارَةِ فِي الآجِلِ، وَمَرَارَتَهَا تُعْقِبُ الحَلاوَةِ فَحُلْوُ الدُّنْيَا مُرُّ الآخِرَةِ، وَمُرُّ الدُّنْيَا حُلْوُ الآخِرَةِ.
يمكنكم تحميل عرض بوربوينت لدرس التوحيد «الإيمان بالقدر خيره وشره» للصف الثالث الابتدائي من خلال الجدول أسفله.