ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِى أَخْلَقَ أَوْ أَلْقَى فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَفِى حِفْظِ اللَّهِ وَفِى سِتْرِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا ».
الفتوى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فما فعلته من المحرم سابقاً وتبت منه يجب ستره، ويحرم على الجدة أو غيرها أن تذكره للغير، ثم يلزم من اطلع عليه أن يستره ولا يكشفه للعامّة أو الخاصّة، للأحاديث الكثيرة الّتي وردت في الحثّ على ستر عورة المسلم والحذر من تتبّع زلاته، ومن هذه الأحاديث الشريفة قوله صلى الله عليه وسلم: « من ستر مسلماً ستره اللّه في الدّنيا والآخرة» أخرجه ابن ماجه وأحمد.
.
وقال السخاوي: وقد روينا عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله، أنه قال: "أدركتُ بهذه البلدة - يعني المدينة - أقوامًا لم تكن لهم عيوب، فعابوا الناس؛ فصارت لهم عيوب، وأدركتُ بها أقوامًا كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس؛ فنُسيت عيوبهم".
وإذا لم يعمل في مداواة عيوب نفسه فليسكُتْ عن عيوب الناس، وليسترْ عليهم، عسى أن يُصلِح اللهُ بذلك عيوبَه.
فاعلم يا أخي بارك الله فيك أنه يحرم على المسلم أن يهتك ستر أخيه ؛إذ الأصل في الإنسان أن يستر على عباد الله مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم المروي في صحيح مسلم:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فقد أمرنا سبحانه بسترالعورات وسترعيوب الناس وعدم تتبع العيوب ونحوها إذ من مقتضى أسمائه الحسنى الستر، فهو سـِتِّير، يحب أهل الستر.