إن كون الإنسان الفقير يمد يده إلى الناس ليس هذا بمحمود في لسان الشارع بل هذا مذموم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح من حديث حينما رأى يريد أن يأخذ تمرة من تمر الصدقة، قال له: ، وفي رواية: ، وقال في حديث : ، يعني: أن الناس يخرجونها وربما كان ذلك في نفوسهم، ولكن لأجل ما أوجب الله عليهم أخرجوها.
أما السواد فإن الذي يظهر لي والله تبارك وتعالى أعلم أنه ليس بمحرم وقد فعله الصحابة، فعله وفعله ، وروي عن كما جاء عن رضي الله عنه قال: فرأيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته قد حناها أو قال: قد خلا بعد الكتم، ومن المعلوم أن الكتم يميل إلى السواد بشدة، ومما يدل على ذلك الحديث الوارد فيه: ، وهذا الحديث رواه وقد اختلف الرواة في هذا الأمر؛ ولهذا ذهب وغيره إلى أن كلمة وجنبوه السواد تفرد بها رجل من أهل الحديث يقال: هو ، فروى عنه به فقال لـ : هل قال ذلك رسول الله؟ فقال: لا، فدل ذلك على أن هذه مدرجة فليست بمرفوعة، والذي يظهر والله أعلم أن ذلك مكروه؛ لأن في ذلك مشابهة بمن يأتي في آخر الزمان، كما جاء عند من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ، فهذا دليل على الذم، ولكن الذم لا يدل على التحريم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حديث : ، فهل كل سمين مذموم؟ فهذا ليس بصحيح.
وفرضت الزكاة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة قبل الهجرة، حيث دلت على ذلك آيات من القرآن نزلت في مكة، وكان هذا الفرض على سبيل الإجمال، وكان بيان أحكامها، وتطبيقها بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وتعتبر مرحلة ما بعد أهم مرحلة في تشريع الزكاة، حيث كان بيان تفاصيل أحكامها، وتحديد مقاديرها ومصارفها، وتكليف العاملين على تحصيلها، ومن ثم صرفها في مصارفها.