تعد رحلة الحج والعمرة، من أجمل وأعظم ما يحظى بها الانسان في حياته، وعليه أن يستغل كل دقيقة في هذه الرحلة بالتوسل إلى الله بكافة الامور، وعليه حين يعود، أن يبتعد عن كل ذنباً في حياته، لكي يفوز بالجنة ونعيمها، وللدعاء أحوال يُستجاب بها كالصوم، وأوقات كالأسحار، وبين الأذان والإقامة فيجب على المرء أن يدعي الله بكل حاجة بنفسه، وأن يكون على يقين أن الله قادر على كل شيء، ولا يصعبُ عليه شيء، وقال سبحانه وتعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فالأمر كله عنده، وما علينا نحن غير الدعاء والتوسل إليه، فالدعاء يغلب الأقدار، لهذا قدمنا فيما سبق أدعية الطواف والسعي في العمرة كاملة مكتوبة.
الحرم المكي تطلق كلمة الحرم ويُراد به المسجد الحرام الذي هو أول وأعظم مسجد في الإسلام ويقع في قلب مدينة مكة وتتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بناء وضع على وجه الأرض، وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}، والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تُشد لها الرحال، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ومَسْجِدِ الأقْصَى"، كما أن للصلاة والدعاء في فضيلة عظيمة، ومن الأدعية الواردة بهذا الشأن دعاء دخول الحرم المكي.
شاهد أيضًا: وهنا يكون ختام مقال دعاء دخول الحرم ورؤية الكعبة، حيث لم يرد ما خُصّص في السنة للدعاء بهذا المقام، إنما يكون الدّعاء فيه لبركة الوقت وبركة المسجد الحرام، فتمّ في المقال ذكر أحسن وأجمل الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها عند دخوله المسجد الحرام، بالإضافة للتّعريف بالطّواف بالبيت العتيق.
وبعد أن يدخل المسلم مكة يستحب له دخول المسجد الحرام أو الحرم المكي من باب السلام ويدخل بالقدم اليمنى، وفور أن يرى الكعبة المشرفة عليه ترديد دعاء يجول في خاطره ويفضل أن يكون دعاء لخيري الدنيا والآخرة ويكثر من أدعية التوبة ومن اذكار التكبير والتحميد والتهليل، والدعاء في هذا الوقت مستجاب، ويكون دخول المسجد حافيا وكذلك جمي ع المساجد.
يجوز للمعتمر ما دام قد قرأ تلك الأذكار والأدعية أو شيئًا منها، أن يدعو في الطواف وفي السعي بين الصفا والمروة بما أحب وبما شاء مما فيه الخير له في الدنيا وفي الآخرة، وإن لم يدعُ بتلك الأدعية ودعا بما يشاء من الأدعية جاز ذلك أيضًا، إنّما يُسنّ الانشغال بالأوراد الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز له كذلك إن لم يرد في خاطره دعاء وأراد الانشغال بالذكر أن يقرأ القرآن فهو أعظم الذكر، وأجزى له أجرًا.
ويحرص المسلم أن يدعو في الطواف والسعي من الأدعية المأثورة عن النبي وما شاء من الدعاء، ويكثر من ذكر الله تبارك وتعالى، ويقرأ القرآن الكريم، فكل ذلك أجره عظيم عند الله تعالى، فلا يوجد أدعية مخصصة للطواف والسعي وردت عن النبي، يقول ابن تيمية رحمه الله: "ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرًّا فلا بأس.