من جهةٍ أُخرى، ورِث مُحمَّد الثاني دولةً كانت لا تزال مُنقسمةً إلى قسمين: الأناضول الذي أضحى بلادًا إسلاميَّة اندمجت في مُنذُ زمنٍ بعيد، الذي كان قد فُتح حديثًا ولا يزال منطقة ثُغور، وتأثَّر تأثُرًا عميقًا بنظريَّات وتقاليد مُجاهدي الثُغور الذين استوطنوه، كما تأثَّر بمُعتقدات وطُرق الصوفيَّة الذين صحبوا هؤلاء المُجاهدين، فكان الوضع يتطلَّب إيجاد صلة بين القسمين، بين العاصمة القديمة في ، والعاصمة الجديدة في الروملّي، وكانت القسطنطينيَّة تُشكِّلُ هذه الصلة.
فكان الگوراني يُشدد على تلميذه مُحمَّد في صغره بلزوم وضرورة فتح عاصمة الروم، وكان الشيخ آق شمسُ الدين قد بثَّ في نفس السُلطان مُنذُ صغره أمرين، هما: ضرورة مُضاعفة حركة الجهاد الإسلامي ضدَّ الروم وحُلفائهم، وأنَّه هو أي السُلطان المقصود.
وخصص السُلطان فرقًا عسكريَّة لحراسة بعض مواقع المدينة وأهمَّها الكنائس، مثل كنيسة الحواريين، كي لا يتعرَّض لها أحد الجنود بضرر.
قضّى السُلطان مُحمَّد الثاني شتاء سنة 1452-1453م في أدرنة يستعد للفتح الكبير المُنتظر، فجمع جيشًا جرَّارًا كان أحد أضخم جيوش ذلك الزمن، وتُشيرُ وثائق الأرشيف العُثماني أنَّ عدد أفراد الجيش تراوح بين 50,000 و80,000 نفر، كان منهم ما بين 5,000 و10,000 ، وهم خيرة المُشاة العُثمانيّين، بالإضافة إلى مُشاةٍ آخرين نظاميّين ، والفُرسان السپاهیَّة، وآلاف الجُنود المسيحيّين من الإمارات البلقانيَّة الخاضعة للتاج العُثماني، بما فيهم حوالي 1,500 فارس صربي أرسلهم حاكم جُريج برانكوڤيتش كجُزءٍ من التزامه بمُساعدة السُلطان عند الحرب، رُغم أنَّه كان قد أرسل أموالًا قبل بضعة أسابيع إلى الإمبراطور البيزنطي للمُساهمة في إعمار وتقوية أسوار القسطنطينيَّة.
, 238.
أضف إلى ذلك أنَّ السُلطان مُحمَّد الثاني كان يطمح أن يكون هو المقصود بالنبوءة، بعد أن تأثَّر بأفكار مُربييه، وفي مُقدمتهم والشيخ.