وقال الشيخ العثيمين في تقريب التدمرية: الضابط في باب الإثبات أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من صفات الكمال على وجه لا نقص فيه بأي حال من الأحوال، لقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ { النحل: 60}ـ والمثل الأعلى هو الوصف الأكمل الذي لا يماثله شيء، فصفات الله تعالى كلها صفات كمال سواء كانت صفات ثبوت أم صفات نفي، وقد سبق أن النفي المحض لا يوجد في صفات الله تعالى، وأن المقصود بصفات النفي نفي تلك الصفة لاتصافه بكمال ضدها، ولهذا لا يصح في ضابط الإثبات أن نعتمد على مجرد الإثبات بلا تشبيه، لأنه لو صح ذلك لجاز أن يثبت المفتري لله سبحانه كل صفة نقص مع نفي التشبيه، فيصفه بالحزن والبكاء والجوع والعطش ونحوها مما ينزه الله عنه مع نفي التشبيه، فيقول: إن الله يحزن لا كحزن العباد ويبكي لا كبكائهم، ويجوع لا كجوعهم، ويعطش لا كعطشهم، ويأكل لا كأكلهم، كما أنه يفرح لا كفرحهم ويضحك لا كضحكهم، ويتكلم لا ككلامهم، ثم يقول المفتري لمن نفى ذلك وأثبت الفرح والضحك والكلام والوجه واليدين: أي فرق بين ما نفيت وما أثبت، إذا جعلت مجرد نفي التشبيه كافياً في الإثبات، فأنا لم أخرج عن هذا الضابط فإني أثبت ذلك بدون تشبيه، فإن قال النافي: الفرق هو السمع أي الدليل من الكتاب والسنة فما جاء به الدليل أثبته وما لم يجئ به لم أثبته، قال المفتري: السمع خبر والخبر دليل على المخبر عنه، والدليل لا ينعكس فلا يلزم من عدمه عدم المدلول عليه، لأنه قد يثبت بدليل آخر، فما لم يرد به السمع يجوز أن يكون ثابتاً في نفس الأمر وإن لم يرد به السمع، ومن المعلوم أن السمع لم يرد بنفي كل هذه الأمور بأسمائها الخاصة، فلم يرد بنفي الحزن، والبكاء، والجوع، والعطش، وإذا لم يرد بنفيها جاز أن تكون ثابتة في نفس الأمر، فلا يجوز نفيها بلا دليل، وبهذا ينقطع النافي لهذه الصفات حيث اعتمد فيما ينفيه على مجرد نفي التشبيه، ويعلم أنه لا يصح الاعتماد عليها، وإنما الاعتماد على ما دل عليه السمع والعقل من وصف الله تعالى بصفات الكمال على وجه لا نقص فيه، وعلى هذا فكل ما ينافي صفات الكمال الثابتة لله، فالله منزه عنه، لأن ثبوت أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه، وبهذا يمكن دفع ما أثبته هذا المفتري لله تعالى من صفات النقص فيقال: الحزن، والبكاء والجوع، والعطش صفات نقص منافية لكماله فتكون منتفية عن الله، ويقال أيضاً: الأكل، والشرب مستلزم للحاجة والحاجة نقص، وما استلزم النقص فهو نقص، ويقال أيضاً، الكبد، والمعدة، والأمعاء آلات الأكل والشرب، والمنزه عن الأكل والشرب منزه عن آلات ذلك، وأما الفرح، والضحك، والغضب، ونحوها فهي صفات كمال لا نقص فيها فلا تنتفي عنه، لكنها لا تماثل ما يتصف به المخلوق منها فإنه سبحانه لا كفء له ولا سمي، ولا مثل، فلا يجوز أن تكون حقيقة ذاته كحقيقة شيء من ذوات المخلوقين، ولا حقيقة شيء من صفاته كحقيقة شيء من صفات المخلوقين، لأنه ليس من جنس المخلوقات، لا الملائكة، ولا الآدميين، ولا السموات ولا الكواكب، ولا الهواء، ولا الأرض وغير ذلك.
من الصفات المنفية عن الله سبحانه وتعالى يسعدنا بزراتكم الدائم على موقع بيت الحلول ان تنشر لكم احبابنا الكرام والاعزاء إجابات نموذجية كاملة وسليمة لجميع أسئلتكم التعليمية الذي طرحتموه علينا من خلال التعليقات.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.