فكان صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن، ويقول ذلك في صلاته، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي ".
فالبشارة هي البشارة بنصر الله لرسوله، وفتحه مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، بحيث يكون كثير منهم من أهله وأنصاره، بعد أن كانوا من أعدائه، وقد وقع هذا المبشر به، وأما الأمر بعد حصول النصر والفتح، فأمر رسوله أن يشكر ربه على ذلك، ويسبح بحمده ويستغفره، وأما الإشارة، فإن في ذلك إشارتين: إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين ، ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله، فإن هذا من الشكر، والله يقول: { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين وبعدهم في هذه الأمة لم يزل نصر الله مستمرًا، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان، ودخل فيه، ما لم يدخل في غيره، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث، فابتلاهم الله بتفرق الكلمة، وتشتت الأمر، فحصل ما حصل.
سبب تسمية سورة النصر بهذا الاسم سُميت سورة النصر بهذا الاسم؛ لأنَّ الآية الأولى منها تتحدث عن مجيئ نصر الله -عزَّ وجلَّ- للإسلام والمسلمين، حيث قال -تعالى-: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ.
تذكر أن عدد كلمات هي 17 كلمة، وعدد حروفها 77 حرفًا، عُرفت قديمًا باسم سورة التوديع؛ والسبب وراء ذلك قد أرجعه بعض الفقهاء أن السورة قد تضمنت تنبؤ بقرب رحيل النبي -صل الله عليه وسلم- حيث تضمنت إنهاء الرسالة، وأداء الأمانة، وختم المهمة، وتوقف نزول الوحي.
سورة النصر: سورة مدنية، عدد آياتها ثلاث.
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا معنى هذه الآية الكريمة: أي دخول الناس في دين الله -تعالى- جماعات وأفواج، حيث صارت العرب تأتي من أقطار الأرض لتختار دين الله الإسلام بعد أن كان يؤمن فيما سبق الواحد والاثنان، لكن بعد فتح مكة دخل أكثر ديار العرب في دين الإسلام.