وفي عامِ 16 ه تُوُفِّيَتْ ماريَةُ القِبْطِيَّةُ، رَضِيَ الله عَنْها، فقامَ عُمَرُ بنُ الحَطَّابِ بِجَمْعِ النَّاسِ لِيَشْهَدوا جنازَتَها، فَصَلَّى عَلَيْها عَدَدٌ كبيرٌ مِنْ الصَّحابَةِ مِنَ المُهاجرينَ والأَنْصارِ، ودَفَنَها في البَقيعِ إلَى جانِبِ ابْنِها إِبْراهيمَ ونِساءِ النَّبيِّ، صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم، رَحِمَها اللهُ رَحْمَةً واسِعَةً.
وهي، وإِنْ لَمْ تَحْظَ بِلَقَبِ أُمِّ المُؤمنينَ، لَكِنَّها حَظِيَتْ بِشَرَفِ أُمومَتِها لإبْراهيمَ وبالزَّواجِ مِنَ النَّبِيِّ، صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم، وصُحْبَتِه.
وقد قام هذا القيصر من مملكة إيطاليا سنة مائة وثمانين من الميلاد، وساح في أرض مصر وأقام بمدينة طيبة، وكان مستصحبًا شابا جميلا يقال له أنثنيويه وكان يحبه حبا شديدا، فقدر الله سبحانه أن غرق هذا الشاب في النيل قريبا من محل هذه المدينة، فحزن عليه القيصر حزنا شديدا وأمر بإنشاء مدينة لتكون تذكرة لنديمه هذا، وأمر بجمع الرومان المتفرقين في جهات القطر وأسكنهم فيها مع من جلبه إليها من بلاد الروم على عادة القياصرة قبله، وجعل لأنثنيويه معبدا مقدسا.