فيكون الجواب هو من الممكن أن يسأل سائلٌ عن مسألته دون أن يلاحظ أنّ آخر يسأل ، ويكون جوابه عن أكثرها بلا أو بنعم ، ويمكن أنّه عليه السلام كان يجيبهم بما يعلم من ضمائرهم قبل سؤالهم ، وذلك كما روي أنّ أحدهم قال له : جعلت فداك ، فقال له عليه السلام : لا تقصر ، فلمّا سئل عن ذلك ، قال : هذا ملاّح في سفينة يريد أن يسأل عن صلاته : يصلّيها قصراً أو تماماً ، فقلت له : لا تقصر احتال المأمون على أبي جعفرٍ عليه السلام بكلّ حيلةٍ ؛ ليجعله مِثْله من أهل الدنيا ، يميل إلى اللهو والفسوق ، فلم يمكنه فيه شيء ، فلمّا أراد أن يبني عليه ابنته دفع إلى مئة وصيفة من أجمل ما يكنّ ، ومع كلّ واحدةٍ منهنّ جامٌ فيه جوهر يستقبلنَ أبا جعفر عليه السلام إذا قعد في موضع الزفاف ، فلم يلتفت إليهنّ.
ثم أنفذ إليه شراب بن حمّاض الأترج تحت ختمة على يدي أشناس، فقال: إن أمير المؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي داوُد وسعيد بن الخضيب وجماعة من المعروفين ويأمرك أن تشرب منه بماء الثلج، وصنع في الحال، فقال: أشربه بالليل، فقال: إنه ينفع بارداً وقد ذاب الثلج، وأصرَّ على ذلك بعد ان إمتنع الإمام عن شربه في بداية الأمر فشربه عليه السلام عالماً بفعلهم.
والقسم الثاني : حياته بعد استشهاد أبيه حتى شهادته.