.
ولما نزل سعد بالقادسية، أتاه كتاب عمر - وكان عمر لا يَهدأ بالكتب ليبقى على صِلة بالمعركة وأخبار الجيش - فقال: صِفْ لي موقعك صفةً كأنِّي أنظر إليه، واجعلني من أمركم على الجلية، فوصف له سعد منزلَه بالقادسية، كما وصف له جيش الفرس وقائدهم، وذكر له أهل السواد ونقضهم ما كان مع المسلمين، فردَّ عليه عمر بكتاب يثبِّته فيه فقال: "فإن منحك الله أدبارهم، فلا تنزع عنهم حتى تقتحم عليهم المدائن؛ فإنَّه خرابها إن شاء الله"، وهكذا كان هذا القرار الخطير مضمونًا بالنصر عليهم في هذه المعركة والثِّقة بذلك رغم فارق الجيشين، ورغم ما يبدو من هول المعركة المنتظرة، ومضمونًا أيضًا القضاء على دولة الفرس نهائيًّا، وألا يُمهِلهم للاستعداد ثانية.
أيام معركة القادسية: اليوم الأول: يوم أرماث 14 شعبان: كان جيش المسلمين يقدر بستة وثلاثين ألفا يقودهم الأسد «سعد بن أبي وقاص»، ويقدر جيش الفرس بمائتين وأربعين ألفا يقودهم «رستم» ومعهم سلاح المدرعات المكون من ثلاثة وثلاثين فيلا ضخما، ووقع الصدام الهائل في أول يوم عندما هجم الفرس بكل قوتهم وركزوا هجومهم الكاسح على قبيلة «بجيلة» حيث كانت تمثل خمس الجيش تقريبا، وكان السر وراء ذلك التركيز الهجومي من جانب الفرس، هو أن رجلا من ثقيف خان المسلمين في أحرج ساعاتهم وارتد عن دين الإسلام والتحق بالعدو، ودلهم على مكمن القوة في جيش المسلمين.