يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي راحاتُهُ قامَت مَقامَ الغَيثِ في أَزمانِهِ يا قِبلَةَ القُصّادِ يا تاجَ العُلا يا بَدرَ هَذا العَصرِ في كيوانِهِ يا مُخجِلاً نَوءَ السَماءِ بِجودِهِ يا مُنقِذَ المَحزونِ مِن أَحزانِهِ يا ساكِنينَ دِيارَ عَبسٍ إِنَّني لاقَيتُ مِن كِسرى وَمِن إِحسانِهِ ما لَيسَ يوصَفُ أَو يُقَدَّرُ أَو يَفي أَوصافَهُ أَحَدٌ بِوَصفِ لِسانِهِ مَلِكٌ حَوى رُتَبَ المَعالي كُلَّها بِسُمُوِّ مَجدٍ حَلَّ في إيوانِهِ مَولىً بِهِ شَرُفَ الزَمانُ وَأَهلُهُ وَالدَهرُ نالَ الفَخرَ مِن تيجانِهِ وَإِذا سَطا خافَ الأَنامَ جَميعُهُم مِن بَأسِهِ وَاللَيثُ عِندَ عِيانِهِ المُظهِرُ الإِنصافَ في أَيّامِهِ بِخِصالِهِ وَالعَدلَ في بُلدانِهِ أَمسَيتُ في رَبعٍ خَصيبٍ عِندَهُ مُتَنَزِّهاً فيهِ وَفي بُستانِهِ وَنَظَرتُ بِركَتَهُ تَفيضُ وَماؤُه يَحكي مَواهِبَهُ وَجودَ بَنانِهِ في مَربَعٍ جَمَعَ الرَبيعَ بِرَبعِهِ مِن كُلِّ فَنٍّ لاحَ في أَفنانِهِ وَطُيورُهُ مِن كُلِّ نَوعٍ أَنشَدَت جَهراً بِأَنَّ الدَهرَ طَوعُ عِنانِهِ مَلِكٌ إِذا ما جالَ في يَومِ اللِقا وَقَفَ العَدُوُّ مُحَيَّراً في شانِهِ وَالنَصرُ مِن جُلَسائِهِ دونَ الوَرى وَالسَعدُ وَالإِقبالُ مِن أَعوانِهِ فَلَأَشكُرَنَّ صَنيعَهُ بَينَ المَلا وَأُطاعِنُ الفُرسانَ في مَيدانِهِ.
.
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِها وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها دارٌ لِعَبلَةَ شَطَّ عَنكَ مَزارُه وَنَأَت لَعَمري ما أَراكَ تَراها ما بالُ عَينِكَ لا تَمُلُّ مِنَ البُكا رَمَدٌ بِعَينِكَ أَم جَفاكَ كَراها يا صاحِبي قِف بِالمَطايا ساعَةً في دارِ عَبلَةَ سائِلاً مَغناها أَم كَيفَ تَسأَلُ دِمنَةً عادِيَّةً سَفَتِ الجُنوبِ دِمانَها وَثَراها يا عَبلَ قَد هامَ الفُؤادُ بِذِكرِكُم وَأَرى دُيوني ما يَحُلُّ قَضاها يا عَبلَ إِن تَبكي عَلَيَّ بِحُرقَةٍ فَلَطالَما بَكَتِ الرِجالُ نِساها يا عَبلَ إِنّي في الكَريهَةِ ضَيغَمٌ شَرِسٌ إِذا ما الطَعنُ شَقَّ جِباها وَدَنَت كِباشٌ مِن كِباشٍ تَصطَلي نارَ الكَريهَةِ أَو تَخوضُ لَظاها وَدَنا الشُجاعُ مِنَ الشُجاعِ وَأُشرِعَت سُمرُ الرِماحِ عَلى اِختِلافِ قَناها فَهُناكَ أَطعَنُ في الوَغى فُرسانَها طَعناً يَشُقُّ قُلوبَها وَكُلاها وَسَلي الفَوارِسَ يُخبِروكِ بِهِمَّتي وَمَواقِفي في الحَربِ حينَ أَطاها وَأَزيدُها مِن نارِ حَربي شُعلَةً وَأُثيرُها حَتّى تَدورَ رَحاها وَأَكُرُّ فيهِم في لَهيبِ شُعاعِها وَأَكونُ أَوَّلَ واقِدٍ بِصَلاها وَأَكونُ أَوَّلَ ضارِبٍ بِمُهَنَّدٍ يَفري الجَماجِمَ لا يُريدُ سِواها وَأَكونُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشى الوَغى فَأَقودُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشاها وَالخَيلُ تَعلَمُ وَالفَوارِسُ أَنَّني شَيخُ الحُروبِ وَكَهلُها وَفَتاها يا عَبلَ كَم مِن فارِسٍ خَلَّيتَهُ في وَسطِ رابِيَةٍ يَعُدُّ حَصاها يا عَبلَ كَم مِن حُرَّةٍ خَلَّيتُها تَبكي وَتَنعى بَعلَها وَأَخاها يا عَبلَ كَم مِن مُهرَةٍ غادَرتُها مِن بَعدِ صاحِبِها تَجُرُّ خُطاها يا عَبلَ لَو أَنّي لَقيتُ كَتيبَةً سَبعينَ أَلفاً ما رَهِبتُ لِقاها وَأَنا المَنِيَّةُ وَاِبنُ كُلِّ مَنِيَّةٍ وَسَوادُ جِلدي ثَوبُها وَرِداها.
.
.
.