وأخرج أيضاً أن عمر قال لأويس لما لقيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر " الحديث وفيه: " لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فاستغفر لي، فاستغفر له.
ومما يدل على أن التبرك بالآثار الأرضية غير مشروع ومحدثٌ أمورٌ: الأول: أن هذا النوع من التبرك لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل فيه شيء نقلاً مصدقاً، لا بإسنادٍ صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فلم ينقل أن أحداً تبرك في زمانه بأثر له أرضي، وإذا لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله، ووجود الهمم على نقل ما هو دونه بكثير: علم أنه لم يكن في زمانه صلى الله عليه وسلم وما كان كذلك فإحداثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، والبدع يجب النهي عنها ومضادتها.
.
وإن أعلى الصالحين بركة أشدهم اتباعاً لدين الإسلام، ومحافظة على واجباته، ومباعدة عن محرماته، ومن المحرمات أفعال القلوب، فكم من مبتعد عن محرمات الجوارح، خائض في محرمات القلوب، ولا يبالي.
قال صاحب المفاهيم ص95: "فالقائل: يا نبي الله اشفني واقض ديني، لو فرض أن أحداً قال هذا فإنما يريد: اشفع لي في الشفاء، وادع لي بقضاء ديني، وتوجه إلى الله في شأني، فهم ما طلبوا منه إلا ما أقدرهم الله عليه، وملكهم إياه من الدعاء إياه من الدعاء والتشفع.
نعلم منه أنهم وإن كانوا أحياء حياة برزخية لا نعلمها، فهي مختلفة في ما يقدرون عليه عن حياتهم في الدنيا، وهذا تقرير نافع لمن تأمله وتدبره، والحمد لله رب العالمين.