فباب التمائم كله لا يجوز ، لأنه من الأبواب التي توصل صاحبها إلى الشرك ، وسدا لذريعة الوقوع في الشرك تمنع التمائم كلها ، من القرآن ، وغير القرآن ، والله يتولانا وإياك { فصل } ومن هذه الأبواب التي سدت خوفا من الوقع في الشرك باب الطيرة فإن الأصل منع التطير بالشيء إلا بدليل ، وذلك لأن التطير بالشيء قد يكون جارا صاحبه إلى اعتقاد أن هذا الشيء هو الذي جلب الشر أو دفع الشر بذاته ، وهذا هو الشرك الأكبر ، فمن تطير بشيء ، أي تشاءم منه فلا يخلو :- إما أن يكون يعتقد أن الله تعالى هو الذي بيده النفع والضر وأن أحدا لا يملك مع الله تعالى شيئا ، ولكن هذا المرئي أو هذا المسموع من أسباب التطير فقط فهذا هو الشرك الأصغر وأما إن اعتقد أن هذا الشيء المتطير به هو الذي أوجب الشر بذاته فهذا هو الشرك الأكبر المحرج لصاحبه من الملة ، فباب التطير كله ممنوع لسد ذريعة الوقوع في الشرك ، قال البخاري في صحيحه حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ ، ويعجبني الْفَأْلُ الصَّالِحُ ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ وقال مسلم في صحيحه: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ وقال أبو داود في سننه :- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا حَيَّانُ قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ حَيَّانُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ وقال في سننه أيضا :- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاَصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاَثًا وَمَا مِنَّا إِلاَّ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ وقال أيضا :- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ الْمَعْنَى قَالاَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَحْمَدُ الْقُرَشِىُّ قَالَ ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلاَ تَرُدُّ مُسْلِمًا فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ لاَ يأتي بِالْحَسَنَاتِ إِلاَّ أَنْتَ وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلاَّ أَنْتَ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ فالطيرة كلها لا تجوز ، إلا ما ورد به النص ولبحثه موضع آخر ، حتى لا نكدر عليك صفو الاستدلال ، فليتق الله تعالى هؤلاء الذين يتشاءمون مما يرونه أو يسمعونه ، فإن الطيرة شرك ، وهي من أخطر ما يحبط الهمم والعزائم عن المصالح, وهي من اعتقادات الجاهلية التي جاء النبي صلى الله عليه وسلم بسد أبوابها ، والله يتولانا وإياك.
.
اوراق عمل حديث اول متوسط الفصل الثاني الدين الإسلامي يحرص علـى وجـود الألفـة والمحبـة بين المسلمين.
وبقولي «وذلك بأن يقال الخ» اندفع ما قاله من أن الأوجه النسخ، ونزولها عقب تحرجهم من تلك لا يستلزم النسخ فتأمل، ولذا جرى هو في مكان على موافقة المصنف وترجيح ما قاله من غير تقييد بما ذكر، وكأن وجهه أن يقيد ما في تفسيرها المشهور بحسب الطاقة.
.
قال مجاهد: وذلك النبيّ المحكيّ هو نوع عليه السلام، لكن تعقبه الحافظ في «الفتح» بأن ظاهر صنيع البخاري إذ أورد الحديث في أحاديث ترجمة ذكر بني إسرائيل أن النبيّ من أنبيائهم فيحمل عليه صلوات الله وسلامه عليهم وقوله: ضربه قومه فأدموه بيان للمحكيّ، ويحتمل على بعد كونه بياناً للحكاية فتكون الحكاية للفعل: أي أتى بفعل مثل فعل ذلك النبي المحكي فعله، والمحكي به ما وقع له بأحد من شج رأسه وكسر رباعيته وهو أي: ذلك النبيّ المحكيّ عنه، أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وفي هذه الجملة أنواع من الصبر والحكم: الأول: أنه مسح دمه لئلا يصيب الأرض فيحل بهم البلاء.