عرض التقدم والحضارة المسلمة،على الكافر،دعوة له،إذ أن زخارف الدنيا تبهره! ومن أجَلِّ صفاته تعالى الرحمة، ومن أخص أسمائه بل هو أخصها بعد الله : الرحمن ، الذي تفتتح به كل سورة، ويثنى في كل صلاة.
وهذا الأخير هو موضوع هذه المقالة، وإن كان الباب في الجملة واحداً، فما ثبت من التشريع، أو القدر، كما ثبت من الجزاء يوم القيامة بالخبر، وإشكال المتشكك فيه عادة يرجع إلى تصوره للعدل، أو تصوره للشرع والواقع والخبر، ومتى صحح مفهوم العدل، وأحاط علماً بالتشريع المحكم وشروطه، أو القدر النازل وأسبابه، أو الجزاء الأخروي ومقتضياته، علم أن العدل لا يخالف التشريع المحكم، ولا القدر النازل، ولا الجزاء المتوعد.
وقد أخبر يوسف -عليه السلام- بعد ذلك كلّ واحد منهما تفسير منامه، وكانت رؤيا الأوّل أنه يعصر الخمر بيديه ثم يقدمه لسيده؛ فكانت بشارته أنّه سيخرج من السجن ويعود إلى عمله، أمّا الآخر الذي رأى أنّه يحمل الخبز وتأكل الطيور من ذلك الخبز فوق رأسه؛ فقد أخبره بأنّه سوف يصلب عقاباً له ويبقى مصلوباً إلى أن تأكل رأسه الطيور، ثم طلب يوسف -عليه السلام- ممّن سيخرج أن يذكره عند الملك وأن يذكر بأنّه بريء من التهمة ليخرج من السجن، إلّا أنّ الفتى نسي الأمر وبقي يوسف -عليه السلام- في سجنه بضعة سنوات.