كما وصف أُنافيًا له أنف طويل ، فقال: أقمأه القفد فأضــحى قائمًا كقاعد والقفد هو ضربه على قفا رأسه، وصورة الرجل "المستعمل المقافد" الذي يُضرب في كل مكان صالح منه للضرب، فيَصْلع لقَفْده في موضع شعره، ويقصر لكثرة الضرب على رأسه، ويصاب بالعور لضربه على عينه، وحركة الأبيات نفسها حين تقرأ بتتابع كحركة الصفعات التي تخبط به طالعة نازلة.
فالعلامات البارزة في قصائد ابن الرومي هي طول نفسه، وشدة استقصائه المعنى واسترساله فيه، وبهذا الاسترسال خرج عن سنة النظَّامين الذين جعلوا البيت وحدة النظم، وجعلوا القصيدة أبياتًا متفرقة يضمها سمط واحد قل أن يطرد فيه المعنى إلى عدة أبيات، وقل أن يتوالى فيه النسق تواليًا يستعصي على التقديم والتأخير، والتبديل والتحوير، فخالف ابن الرومي هذه السنة، وجعل القصيدة «كلًّا» واحدًا لا يتم إلا بتمام المعنى الذي أراده على النحو الذي نحاه؛ فقصائده «موضوعات» كاملة تقبل العناوين، وتنحصر فيها الأغراض، ولا تنتهي حتى ينتهي مؤداها، وتفرغ جميع جوانبها وأطرافها، ولو خسر في سبيل ذلك اللفظ والفصاحة.
بعد ذلك ، من المرجح أن يتشكك الضمير الحقيقي ويميل إلى اتهام الحكماء بالتقدير.