وقال بعضهم لا يستقبلكم بشيء بالرفع على الاستئناف ويجوز الجزم على النهي وفي العلم وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه إن لم يفسره لأنهم قالوا إن فسره فليس بنبي وذلك أن في التوراة أن الروح مما انفرد الله بعلمه ولا يطلع عليه أحدًا من عباده فإذا لم يفسره دل على نبوّته وهم يكرهونها وفيه قيام الحجة عليهم في نبوّته فقالوا: سلوه فسألوه عن الروح، فأمسك النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فلم يرد عليهم ولأبي ذر عن الكشميهني فلم يرد عليه شيئًا بالإفراد أي على السائل وفي العلم فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ قال ابن مسعود فعلمت أنه يوحى إليه في التوحيد فظننت بدل فعلمت وإطلاق الظن على العلم معروف فقمت مقامي أي في مقامي أي لأحول بينه وبين السائلين أو فقمت عنه أي لئلا يتشوش بقربي منه وفي الاعتصام فتأخرت عنه فلما نزل الوحي عليه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: {ويسألونك عن الروح} قال البرماوي وغيره ظاهر السياق يقتضي أن الوحي لم يتأخر لكن في مغازي ابن إسحاق أنه تأخر خمس عشرة ليلة، وكذا قال القاضي عياض أنه ثبت كذلك في مسلم أي ما يقتضي الفورية وهو وهم بين لأنه إنما جاء هذا القول عند انكشاف الوحي وفي البخاري في كتاب الاعتصام فلما صعد الوحي وهو صحيح، قال في المصابيح: هذه الإطلاقات صعبة في الأحاديث لا سيما ما اجتمع على تخريجه الشيخان ولا أدري ما هذا الوهم ولا كيف هو ولما حرف وجود لوجود أي أن مضمون الجملة الثانية وجد لأجل مضمون الأولى كما تقول لما جاءني زيد أكرمته فالإكرام وجد لوجود المجيء كذلك تلاوته عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى: {ويسألونك عن الروح} الآية كانت لأجل وجود إنزالها ولا يضر في ذلك كون الإنزال تأخر عن وقت السؤال وأما قوله أن هذا القول إنما كان بعد انكشاف الوحي فمسلم إذ هو لا يتكلم بالمنزل عليه في نفس وقت الإنزال، وإنما يتكلم به بعد انقضاء زمن الوحي واتحاد زمني الفعلين الواقعين في جملتي لما غير شرط كما إذا قلت لما جاءني زيد أكرمته فلا يشترط في صحة هذا الكلام أن يكون الإكرام والمجيء واقعين في زمن واحد لا يتقدم أحدهما على الآخر ولا يتأخر بل هذا التركيب صحيح إذا كان الإكرام متعقبًا للمجيء.
لهذا أقسم الله عز وجل لرسوله الكريم بكل اسم من اسماء صفاته التي لا يكافئه فيها أحد لدحض حجة من حجج الكفار، ولتوكيد أن رسالته حق في مجموعة من السور وذلك تسلية وتثبيتاً للرسول ولمن آمن معه.
وأما النفس ليس لها وجود سابق على وجود بدنها، بل كلما حدث بدن صالح لها للحياة حدثت له نفس خاصة به، ويكون لبدن الحادث مملكة تلك النفس وآلتها، والنفس لا يمكن ان تأتى من شىء مادى كالجسم لأنها مخالفة للجسم.
أ وضع المعنى المراد من هذا العنوان.
وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه.
والعارف المحقق لعلمه بالله ومراتبه وظهوره في مظاهر الدنيا والآخرة، واقف معه أبداً ولا يرى غيره، ويرى جميع ذلك تجليات إلهية، فينزل كلاً منها منزلته، فلا يكون ذلك النوع أيضاً من الكشف استدراجاً في حقه، لأنه حال المبعدين الذين يقنعون من الحق بذلك، ويجعلون ذلك سبب حصول الجاه والمنصب في الدنيا.