الخطبة الأولى: الحمد لله الذي يُنزلُ السّكينةَ على مَن يشاء, فيُجلي بها الهموم والغموم والبلاء, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, جلَّ عن الشبيه والنظير, واسْتغنى عن الْمُعينِ والوزير, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, ختم الله به الأنبياء والْمُرسلين, وأعزّ به أتباعَه من الْمُؤمنين, وأذلّ به الكفارَ والْمُشركين, فأضحت رايةُ الإسلام عالية, ومعالمُ الحقِّ والدينِ واضحة, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وأصْحابه والتابعين, وَسَلَّمَ تسْليماً كثيراً إلى يومِ الدين.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي وَاقِعَةٍ عَظِيمَةٍ جَرَتْ لَهُ فِي مَرَضِهِ، تَعْجِزُ الْعُقُولُ عَنْ حَمْلِهَا - مِنْ مُحَارَبَةِ أَرْوَاحٍ شَيْطَانِيَّةٍ، ظَهَرَتْ لَهُ إِذْ ذَاكَ فِي حَالِ ضَعْفِ الْقُوَّةِ - قَالَ: فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيَّ الْأَمْرُ، قُلْتُ لِأَقَارِبِي وَمَنْ حَوْلِيَ: اقْرَءُوا آيَاتِ السَّكِينَةِ، قَالَ:.
واعلموا علم اليقين: أن هذا العلاج لا ينفع إلا الموقنين بنفعه, المؤمنين بصدقه وصحّته.
وقد جربت أنا أيضًا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيتُ لها تأثيرُا عظيمُا في سكونه وطمأنينته.
ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار، لا يلوي أحد منهم على أحد.
قال: ثمَّ أقلع عنِّي ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبةٌ.